فصل: (فَرْعٌ): (تِكْرَارُ الطلاقِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.(فَرْعٌ): [تِكْرَارُ الطلاقِ]:

(أَوْقَعَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (مِنْ ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ مَجْمُوعَةٍ) تَقَعُ؛ لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ (أَوْ) كَلِمَاتٍ (مُتَفَرِّقَةٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرَ طَلْقَاتٍ، أَوْ مِائَةَ طَلْقَةٍ، أَوْ أَلْفَ طَلْقَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ (قَبْلَ رَجْعَةٍ طَلْقَةً وَاحِدَةً) أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً بَعْدَ رَجْعَةٍ؛ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا ثَلَاثٌ (وَقَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ) صُورَةَ مَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مَجْمُوعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً قَبْلَ الرَّجْعَةِ فِي أَنَّهَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ. لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «طَلَّقَ رُكَانَةُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْنًا شَدِيدًا، فَقَالَ: فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْف طَلَّقْتهَا؟ قَالَ: طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا. قَالَ: فَقَالَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّ تِلْكَ وَاحِدَةٌ؛ فَأَرْجِعْهَا، قَالَ فَأَرْجَعَهَا» رَوَاه أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ. وَقَوْلُهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَتَنَاوَلُ مَا إذَا طَلَّقَهَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِكَلِمَةٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُغِيثٍ: رُوِينَا ذَلِكَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَسَحْنُونٍ وَطَبَقَتُهُمْ، قَالَ: وَبِهِ قَالَ مِنْ شُيُوخِ قُرْطُبَةَ ابْنُ زِنْبَاعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْحَسَنِيُّ فَقِيهُ عَصْرِهِ، وَبَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ وَأَصْبَغُ وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ مِنْ شُيُوخِ قُرْطُبَةَ، وَذُكِرَ هَذَا عَنْ بِضْعَةَ عَشْرَ نَفْسًا مِنْ فُقَهَاءِ طُلَيْطِلَة الْمُفْتِينَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَقَالَ: إنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ، وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ انْتَهَى.
(وَكَانَ الْمَجْدُ يُفْتِي بِهِ أَحْيَانَا) وَقَالَ عَنْ عُمَرَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ إنَّهُ جَعَلَهُ فِي إكْثَارِهِمْ مِنْهُ، فَعَاقَبَهُمْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ لَمَّا عَصَوْا بِجَمْعِ الثَّلَاثِ، فَيَكُونُ عُقُوبَةَ مَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ مِنْ التَّغْرِيرِ الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ لَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْهَا وَأَظْهَرُوهُ، سَاغَتْ الزِّيَادَةُ عُقُوبَةً. انْتَهَى.
(وَاخْتَارَهُ) أَيْ: الْقَوْلَ بِأَنَّ الثَّلَاثَ مَجْمُوعَةً (وَ) مُتَفَرِّقَةً فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ (ابْنُ الْقَيِّمِ وَ) اخْتَارَهُ أَيْضًا (كَثِيرٌ مِنْ) تَلَامِذَةِ الشَّيْخِ (وَأَتْبَاعُهُ) وَمُعَاصِرِيهِ وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: هُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَعَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، نَقَلَهُ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَحَكَى الْمُوَفَّقُ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ مَنْ طَلَّقَ الْبِكْرَ ثَلَاثًا، فَهِيَ وَاحِدَةٌ انْتَهَى.
أَقُولُ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ أُوذِيَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِسَبَبِ إفْتَائِهِ بِهَا، وَحَصَلَ لَهُ مِنْ الْمِحَنِ وَالْقَلَاقِلِ مِنْ حُسَّادِهِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ مَنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى سِيرَتِهِ وَمَنَاقِبِهِ، وَلَهُ فِيهَا مُصَنَّفَاتٌ عَدِيدَةٌ مِنْهَا كِتَابُ تَحْقِيقِ الْفُرْقَانِ بَيْنَ التَّطْلِيقِ وَالْأَيْمَانِ مُجَلَّدٌ كَبِيرٌ؛ وَمِنْهَا قَاعِدَةُ الْفَرْقِ الْمُبِينِ بَيْنَ التَّطْلِيقِ وَالْيَمِينِ وَمِنْهَا لَمْحَةِ الْمُخْتَطِفِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْحَلِفِ وَمِنْهَا قَاعِدَةُ التَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَالتَّحْلِيلِ وَمِنْهَا قَاعِدَةُ سَمَاعِ اللُّمْعَةِ والرِّسَالَةُ الْبَغْدَادِيَّةُ وَقَوَاعِدُ وَرَسَائِلُ وَأَجْوِبَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَنْضَبِطُ وَلَا يَنْحَصِرُ، وَلَهُ جَوَابُ اعْتِرَاضٍ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَهُوَ جَوَابٌ طَوِيلٌ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْمَذْهَبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ فَتَنَبَّهْ لَهُ، وَسَيَأْتِي فَرْعٌ آخَرُ مِنْ اخْتِيَارَاتِ الشَّيْخِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الَّذِي يَلِي بَابَ الطَّلَاقِ فِي الْمَاضِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالصَّحِيحُ مَا تَقَدَّمَ.

.فَصْلٌ: [جزءُ الطلقةِ]:

(وَجُزْءُ طَلْقَةٍ كَهِيَ) لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى السِّرَايَةِ، فَلَا يَتَبَعَّضُ كَالْعِتْقِ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعَ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ (فـَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ) طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (ثُلُثَ) طَلْقَةٍ؛ فَوَاحِدَةٌ (أَوْ) طَالِقٌ (سُدُسَ) طَلْقَةٍ؛ فَوَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ مَا لَا يَتَبَعَّضُ فِي الطَّلَاقِ ذِكْرٌ لِجَمِيعِهِ كَأَنْتِ نِصْفَ طَلَاقٍ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ جُزْءَ (طَلْقَةٍ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ وَثُلُثَ وَرُبْعَ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ) فَوَاحِدَةٌ لِدَلَالَةِ عَدَمِ ذِكْرِ طَلْقَةٍ مَعَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ غَيْرِ مُتَغَايِرَةٍ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ) لِدَلَالَةِ حَذْفِ الْعَاطِفِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ الثَّانِيَ بَدَلٌ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثَ بَدَلٌ مِنْ الثَّانِي، وَالْبَدَلُ هُوَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ أَوْ بَعْضُهُ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَهَا وَثُلُثَهَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مِنْ طَلْقَةٍ، وَلَا تَزِيدُ عَلَيْهَا. (أَوْ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ) طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) قَالَ (ثُلُثَ) طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) قَالَ (سُدُسَ) طَلْقَتَيْنِ، (أَوْ) قَالَ (رُبْعَ) طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) قَالَ (ثُمُنَ طَلْقَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ) تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ وَثُلُثَهُمَا طَلْقَةٌ، وَقِسْ عَلَيْهِ؛ ثُمَّ تَكْمُلُ (وَ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ) فَثِنْتَانِ لِأَنَّ نِصْفَيْ الشَّيْءِ جَمِيعُهُ، فَهُوَ كَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ، فَثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ ثَلَاثَةَ الْأَنْصَافِ طَلْقَةُ نِصْفٍ فَتَكْمُلُ أَوْ) (أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثِ) طَلْقَةٍ، فَثِنْتَانِ (أَوْ خَمْسَةَ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ) فَثِنْتَانِ (وَنَحْوُهُ) كَثَمَانِيَةِ أَسْبَاعِ طَلْقَةٍ (فَثِنْتَانِ) لِأَنَّ ذَلِكَ طَلْقَةٌ وَجُزْءٌ؛ فَيَكْمُلُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ (وَ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَتَيْنِ) فَثَلَاثٌ نَصًّا؛ لِأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا، أَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (أَوْ) قَالَ (أَرْبَعَةَ أَثْلَاثِ) طَلْقَتَيْنِ؛ فَثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهَا ثَمَانِيَةُ أَثْلَاثٍ بِطَلْقَتَيْنِ وَثُلُثَيْ طَلْقَةٍ، وَيَكْمُلُ (أَوْ) قَالَ (خَمْسَةَ أَرْبَاعِ طَلْقَتَيْنِ) فَثَلَاثٌ، لِأَنَّ مَجْمُوعَهُمَا عَشْرَةُ أَرْبَاعٍ بِاثْنَيْنِ وَنِصْفٍ، وَيَكْمُلُ (وَنَحْوُهُ) كَسَبْعَةِ أَسْدَاسِ طَلْقَةٍ، فَثَلَاثٌ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ وَنَحْوِهِ) كَرُبْعِ طَلْقَةٍ وَخُمُسِ طَلْقَةٍ وَسُبْعِ طَلْقَةٍ (فَثَلَاثٌ) لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ غَيْرُ الَّتِي مِنْهَا الْجُزْءُ الْآخَرُ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَكْرَارِ لَفْظِ طَلْقَةٍ؛ فَيَقَعُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ جُزْءٌ، فَيَكْمُلُ. وَأَيْضًا فَاللَّفْظُ إذَا ذُكِرَ ثُمَّ أُعِيدَ مُنْكَرًا، فَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ؛ وَإِنْ أُعِيدَ مُعَرَّفًا فَهُوَ الْأَوَّلُ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} فَالْعُسْرُ الثَّانِي هُوَ الْأَوَّلُ، وَالْيُسْرُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ؛ فَلِهَذَا قِيلَ: لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ.
(وَ) مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ) مُنَكِّرًا (وَثُلُثَ الطَّلْقَةِ) مُعَرِّفًا (وَسُدُسَ الطَّلْقَةِ) مُعَرِّفًا أَيْضًا، فَوَاحِدَةٌ (أَوْ قَالَ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَهَا وَسُدُسَهَا فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّ مَجْمُوعَهَا كَذَلِكَ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ رُبْعُ طَالِقٍ فَ) طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ (كَمَا مَرَّ) آنِفًا بِنَاءً عَلَى أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ (وَ) إنْ قَالَ (لِأَرْبَعِ) زَوْجَاتِهِ (أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ) طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا (أَوْ) قَالَ لَهُنَّ: أَوْقَعْتُ (عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا) وَقَعَتْ بِكُلِّ طَلْقَةٍ (أَوْ لَمْ يَقُلْ: أَوْقَعْتُ) بَلْ قَالَ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ ثِنْتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ (وَقَعَ بِكُلِّ) وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (طَلْقَةٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ اقْتَضَى قِسْمَ الطَّلْقَةِ بَيْنَهُنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعٌ، وَالطَّلْقَتَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ (وَ) إنْ قَالَ لِلْأَرْبَعِ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ (خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا، وَقَعَ بِكُلِّ) وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (ثِنْتَانِ) وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ أَوْقَعْت، لِأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ خُمُسِ طَلْقَةٍ وَرُبْعٍ وَمِنْ سِتِّ طَلْقَةٍ وَنِصْفٍ، وَمِنْ سُبْعِ طَلْقَةٍ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ، وَيَكْمُلُ الْكَسْرُ فِي الْجَمِيعِ، وَمِنْ الثَّمَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَتَانِ (وَ) إنْ قَالَ لَهُنَّ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ (تِسْعًا فَأَكْثَرَ) كَعَشْرِ طَلْقَاتٍ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْت؛ وَقَعَ ثَلَاثٌ لِمَا مَرَّ (أَوْ) قَالَ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ؛ (طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً؛ وَقَعَ ثَلَاثٌ) بِكُلٍّ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ لَمَّا عَطَفَ وَجَبَ قَسْمُ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَى حِدَتِهَا، ثُمَّ يُكْمِلُ الْكَسْرَ (كـَ) قَوْلِهِ (طَلَّقْتُكُنَّ ثَلَاثًا وَلَوْ فِي غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا) لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا (وَ) إنْ قَالَ أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ (طَلْقَةً فَطَلْقَةً) أَوْ قَالَ (أَوْقَعْتُ) طَلْقَةً (ثُمَّ طَلْقَةً) ثُمَّ طَلْقَةً، أَوْ قَالَ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً وَأَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً؛ وَأَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً، طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهِنَّ ثَلَاثًا وَ(بَانَتْ) مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (بِالْأَوْلَى) فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا.
تَتِمَّةٌ:
وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ثَلَاثًا، أَوْ قَالَ طَلَّقْتُكُنَّ ثَلَاثًا، طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، سَوَاءٌ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (نِصْفُك وَنَحْوُهُ) كَثُلُثِك أَوْ رُبْعُك أَوْ خُمُسُك طَالِقٌ؛ طَلُقَتْ (أَوْ) قَالَ (بَعْضُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (جُزْءٌ مِنْك) طَالِقٌ؛ طَلُقَتْ، وَلَوْ زَادَ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى جُمْلَةٍ لَا تَتَبَعَّضُ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ؛ وَقَدْ وُجِدَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، فَغَلَبَ كَاشْتِرَاكِ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ فِي قَتْلِ صَيْدٍ (أَوْ) قَالَ (دَمُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (حَيَاتُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (يَدُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (أُصْبُعُك طَالِقٌ، وَلَهَا يَدٌ أَوْ أُصْبُعٌ طَلُقَتْ) لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى جُزْءٍ ثَابِتٍ اسْتَبَاحَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ أَشْبَهَ الْجُزْءَ الشَّائِعَ؛ بِخِلَافِ زَوَّجْتُك نِصْفَ بِنْتِي وَنَحْوِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (وَ) إنْ كَانَ قَالَ (شَعْرُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (ظُفْرُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (سِنُّك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (رِيقُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (دَمْعُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (لَبَنُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (مَنِيُّك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (رُوحُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (حَمْلُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (سَمْعُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (بَصَرُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (سَوَادُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (بَيَاضُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (طُولُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (قِصَرُك) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (يَدُك) طَالِقٌ (وَلَا يَدَ لَهَا طَالِقٌ) لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) قَالَ (إنْ قُمْت فَهِيَ) أَيْ: يَدُك (طَالِقٌ فَقَامَتْ وَقَدْ قُطِعَتْ) يَدُهَا قَبْلَ قِيَامِهَا (لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّ الشَّعْرَ وَالظُّفْرَ وَالسِّنَّ وَالرِّيقَ وَالدَّمْعَ وَاللَّبَنَ وَالْمَنِيَّ أَجْزَاءٌ تَنْفَصِلُ عَنْهَا مَعَ السَّلَامَةِ؛ فَلَا تَطْلُقُ بِإِضَاقَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا، وَالرُّوحُ لَيْسَتْ عُضْوًا وَلَا شَيْئًا يُسْتَمْتَعُ بِهِ، وَلِأَنَّهَا تَزُولُ عَنْ الْجَسَدِ فِي حَالَةِ سَلَامَةِ الْجَسَدِ، وَهِيَ حَالُ النَّوْمِ، وَالْحَمْلُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا، وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْبَيَاضُ وَالسَّوَادُ أَعْرَاضٌ، وَالطُّولُ وَالْقِصَرُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ، وَهُوَ قِيَامُهَا- وَلَا يَدَ لَهَا- فَلَمْ يَقَعْ (وَعِتْقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ فِي ذَلِكَ كَطَلَاقٍ) أَيْ فِيمَا يَقَعُ وَمَا لَا يَقَعُ. فَصْلٌ فِيمَا تُخَالِفُ (الْمَدْخُولُ بِهَا) غَيْرَهَا (تَطْلُقُ) مَدْخُولٌ بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ (ثَلَاثًا) بِقَوْلِ زَوْجِهَا (أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ لِلْإِيقَاعِ؛ فَيَقْتَضِي الْوُقُوعَ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مِثْلُهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِتَكْرَارِهِ تَأْكِيدًا مُتَّصِلًا أَوْ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ (إفْهَامًا) فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ (فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ؛ لِانْصِرَافِهِ عَنْ الْإِيقَاعِ بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ أَوْ الْإِفْهَامِ؛ فَلَمْ يَقَعْ بِهَا شَيْءٌ؛ وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالْأَوْلَى، نَوَى بِالثَّالِثَةِ الْإِيقَاعَ أَوْ لَا، مُتَّصِلًا أَوْ لَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِأَنْ قَالَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، وَسَكَتَ مَا يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ، ثُمَّ أَعَادَهُ لَهَا، طَلُقَتْ ثَانِيَةً، وَلَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَشَرْطُهُ الِاتِّصَالُ كَسَائِرِ التَّوَابِعِ، وَإِنْ قَالَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ (وَأَكَّدَ الْأُولَى بِثَالِثَةٍ لَمْ يُقْبَلْ) لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِالثَّانِيَةِ؛ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ (وَ) إنْ أَكَّدَ الْأُولَى (بِهِمَا) أَيْ: بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ؛ قُبِلَ، لِعَدَمِ الْفَصْلِ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ (أَوْ) قَالَ أَرَدْت تَأْكِيدَ (ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ؛ قُبِلَ) لِمَا مَرَّ؛ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا (وَإِنْ أَطْلَقَ التَّأْكِيدَ) بِأَنْ أَرَادَ التَّأْكِيدَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ تَأْكِيدَ أَوْلَى وَلَا ثَانِيَةٍ (فَوَاحِدَةٌ) لِانْصِرَافِ مَا زَادَ عَلَيْهَا عَنْ الْإِيقَاعِ بِنِيَّةِ التَّأْكِيدِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ فَوَاحِدَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْهَا بِلَفْظٍ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ (مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ، فَيَقَعُ مَا نَوَاهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، فَثَلَاثُ) طَلْقَاتٍ (مَعًا، وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) لِأَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي الْجَمْعَ بِلَا تَرْتِيبٍ (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا) إرَادَةُ (تَأْكِيدِ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ) لِمُطَابِقَتِهَا لَهَا فِي لَفْظِهَا وَ(لَا) يُقْبَلُ مِنْهُ تَأْكِيدُ (أَوْلَى بِثَانِيَةٍ) لِعَدَمِ مُطَابِقَتِهَا لِاقْتِرَانِهَا بِالْعَاطِفِ دُونَهَا (وَكَذَا الْفَاءُ) فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ؛ فَتَطْلُقُ مَدْخُولٌ بِهَا ثَلَاثًا، وَيُقْبَلُ مِنْهُ حُكْمًا تَأْكِيدُ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ، لَا أَوْلَى بِثَانِيَةٍ (وَ) كَذَا (ثُمَّ) إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَأَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ؛ قُبِلَ لَا أَوْلَى بِثَانِيَةٍ. (وَإِنْ غَايَرَ الْحُرُوفَ) فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ فَطَالِقٌ وَنَحْوُهُ (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ إرَادَةُ تَأْكِيدٍ (لِلْمُغَايَرَةِ) وَعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ فِي اللَّفْظِ. (وَيُقْبَلُ حُكْمًا تَأْكِيدٌ فِي) قَوْلِهِ (أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ أَنْتِ مُفَارَقَةٌ) إذَا أَرَادَ تَأْكِيدَ الْأُولَى بِمَا بَعْدَهَا، أَوْ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ، لِأَنَّهُ أَعَادَ اللَّفْظَ بِمَعْنَاهُ، (إلَّا) إنْ أَتَى بِهَذِهِ الْجُمَلِ (مَعَ وَاوٍ أَوْ) مَعَ (فَاءٍ أَوْ مَعَ ثُمَّ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَأَنْتِ مُسَرَّحَةٌ، وَأَنْتِ مُفَارَقَةٌ، أَوْ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ فَمُسَرَّحَةٌ فَمُفَارَقَةٌ أَوْ مُطَلَّقَةٌ ثُمَّ مُسَرَّحَةٌ ثُمَّ مُفَارَقَةٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةُ التَّأْكِيدِ؛ لِأَنَّ حُرُوفَ الْعَطْفِ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ. (وَإِنْ أَتَى بِشَرْطٍ) عَقِبَ جُمْلَةٍ، اخْتَصَّ بِهَا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ؛ فَتَطْلُقُ مَدْخُولٌ بِهَا الْأُولَى فِي الْحَالِ وَالثَّانِيَةُ إذَا دَخَلَتْ الدَّارَ (أَوْ) أَتَى (بِاسْتِثْنَاءٍ) عَقِبَ جُمْلَةٍ، اخْتَصَّ بِهَا، فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ لِاخْتِصَاصِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَدْ اسْتَثْنَى الْكُلَّ، أَشْبَهَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً (أَوْ) أَتَى (بِصِفَةٍ عَقِبَ جُمْلَةٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ صَائِمَةً (اخْتَصَّ بِهَا) فَتَطْلُقُ الْأُولَى فِي الْحَالِ، وَالثَّانِيَةُ إذَا صَامَتْ؛ لِعَدَمِ الْإِرَادَةِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّشْرِيكَ بَيْنَهُمَا (بِخِلَافِ مَعْطُوفٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَيْهِ) إذَا تَعَقَّبَهُ شَرْطٌ أَوْ صِفَةٌ (فَيُرْجَعُ لِلْكُلِّ) فَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ؛ لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقْدُمَ؛ فَيَقَعُ طَلْقَتَانِ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ صَائِمَةً؛ فَتَطْلُقُ بِصِيَامِهَا طَلْقَتَيْنِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ؛ فَوَاحِدَةٌ) نَصًّا، لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْأُولَى ثُمَّ أَثْبَتَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ فَالْمُثْبَتُ هُوَ الْمَنْفِيُّ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الطَّلْقَةُ الْأُولَى؛ فَلَا يَقَعُ بِهِ أُخْرَى وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ، كَأَنَّهُ نَسِيَ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُوَقَّعَ لَا يُنْفَى، فَاسْتَدْرَكَ، وَأَثْبَتَهُ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ السَّامِعُ أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ ارْتَفَعَ بِنَفْيِهِ؛ فَهُوَ إعَادَةٌ لِلْأَوَّلِ لَا اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ أَنْتِ طَالِقٌ؛ فَثِنْتَانِ وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثُمَّ) طَالِقٌ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (بَلْ طَالِقٌ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (بَلْ طَلْقَةً) فَثِنْتَانِ، لِأَنَّ حُرُوفَ الْعَطْفِ تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَبَلْ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ إذَا كَانَ بَعْدَهَا مُفْرَدٌ، وَهِيَ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ وَإِنْ كَانَ مُتَحَمِّلًا لِلضَّمِيرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُعْرَبُ، وَالْجُمَلُ لَا تُعْرَبُ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً) قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (قَبْلَهَا طَلْقَةٌ، وَلَمْ يُرِدْ) بِهَذَا الْقَوْلِ (فِي نِكَاحٍ) قَبْلَ ذَلِكَ (أَوْ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَ ذَلِكَ) فَثِنْتَانِ، فَإِنْ أَرَادَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ؛ فَوَاحِدَةٌ (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا إنْ كَانَ وُجِدَ) نِكَاحٌ أَوْ زَوْجٌ قَبْلَهُ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ) طَلْقَةً (بَعْدَهَا طَلْقَةٌ؛ وَلَمْ يُرِدْ) بِقَوْلِهِ بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ (سَيُوقِعُهَا) عَلَيْهَا بَعْدُ (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا) إرَادَةُ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِهِ (فَثِنْتَانِ) يَقَعَانِ عَلَيْهِ (إلَّا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، فَتَبِينُ بـِ) الطَّلْقَةِ (الْأُولَى) وَلَا يَلْزَمُهَا مَا بَعْدَهَا، لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِالْبَيْنُونَةِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَةٌ أَوْ) طَالِقٌ طَلْقَةً (مَعَ طَلْقَةٍ أَوْ) طَالِقٌ طَلْقَةً (فَوْقَهَا طَلْقَةٌ أَوْ) طَلْقَةً (فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ) طَلْقَةً (تَحْتَهَا) طَلْقَةٌ (أَوْ) طَلْقَةً (تَحْتَ طَلْقَةٍ) أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ (فَثِنْتَانِ، وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا) لِإِيقَاعِهِ الطَّلَاقَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي وُقُوعَ طَلْقَتَيْنِ، فَوَقَعَتَا مَعًا، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ.
(وَ) طَلَاقٌ (مُعَلَّقٌ) بِشَرْطٍ (فِي هَذَا) الْحُكْمِ (كَمُنَجَّزٍ) عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ (فـَ) لَوْ قَالَ (إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ) فَقَامَتْ؛ فَثَلَاثٌ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ (أَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ) فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، إنْ قُمْتِ، فَقَامَتْ، فَثَلَاثٌ مَعًا، وَيُقْبَلُ حُكْمًا تَأْكِيدُ ثَانِيَةٍ بِثَالِثَةٍ، لَا تَأْكِيدُ أَوْلَى بِثَانِيَةٍ (أَوْ كَرَّرَهُ) أَيْ: الشَّرْطَ (ثَلَاثًا بِالْجَزَاءِ) بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ، فَقَامَتْ فَثَلَاثٌ (أَوْ) قَالَ إنْ قُمْتِ (فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَهَا طَلْقَتَانِ أَوْ) طَالِقٌ طَلْقَةً (مَعَ طَلْقَتَيْنِ، فَقَامَتْ؛ فَثَلَاثٌ) مَعًا (وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا) لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ ثَلَاثًا (وَ) إنْ قَالَ (إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ، أَوْ) إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (ثُمَّ طَالِقٌ، فَقَامَتْ) فَيَقَعُ (ثِنْتَانِ إنْ) كَانَ (دَخَلَ بِهَا) لِوُقُوعِ الْأُولَى رَجْعِيَّةً وَهِيَ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ، (وَإِلَّا) يَكُنْ دَخَلَ بِهَا (فـَ) يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) تَبِينُ بِهَا، وَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا (وَإِنْ قَصَدَ الزَّوْجُ إفْهَامًا أَوْ) قَصَدَ (تَأْكِيدًا فِي مُكَرَّرٍ) مُتَّصِلٍ (مَعَ جَزَاءٍ) كَقَوْلِهِ إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ (وَأَرَادَ إفْهَامَهَا)، أَوْ أَرَادَ التَّأْكِيدَ (فَوَاحِدٌ) لِصَرْفِهِ عَنْ الْإِيقَاعِ كَمَا سَبَقَ (قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ (فِيمَنْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ وَكَرَّرَهُ) مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَا أَفْعَلُ كَذَا) وَكَذَا (لَا يَقَعُ أَكْثَرُ مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ إذَا لَمْ يَنْوِ) أَكْثَرَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَقَعُ بِعَدَدِ مَا كَرَّرَهُ، مَا لَمْ يَنْوِ إفْهَامًا أَوْ تَأْكِيدًا، وَيَكُونُ مُتَّصِلًا.

.بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ:

(وَهُوَ) لُغَةً مِنْ الثَّنْيِ (وَهُوَ) الرُّجُوعُ إلَيَّ يُقَالُ ثَنَى رَأْسَ الْبَعِيرِ إذَا عَطَفَهُ إلَى وَرَائِهِ، فَكَأَنَّ الْمُسْتَثْنِيَ رَجَعَ فِي قَوْلِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ، وَاصْطِلَاحًا (إخْرَاجُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ) أَيْ: مَدْخُولِ اللَّفْظِ (بـِ) لَفْظِ (إلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا) كَغَيْرِ وَسِوَى وَلَيْسَ وَعَدَا وَخَلَا وَحَاشَا (مِنْ مُتَكَلِّمٍ بِوَاحِدٍ) فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ غَيْرُ مُوَقَّعٍ، لِاعْتِبَارِ نِيَّتِهِ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ. (وَشُرِطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (فِيهِ) أَيْ: الِاسْتِثْنَاءِ (اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَّصِلِ لَفْظٌ يَقْتَضِي رَفْعَ مَا وَقَعَ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يُمْكِنُ رَفْعُ الطَّلَاقِ إذَا وَقَعَ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ؛ إذْ الِاتِّصَالُ يَجْعَلُ اللَّفْظَ جُمْلَةً وَاحِدَةً؛ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ التَّعْلِيقُ. وَيَكُونُ الِاتِّصَالُ (إمَّا لَفْظًا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ مُتَوَالِيًا (أَوْ) يَكُونَ (حُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ) أَيْ: الِاسْتِثْنَاءِ عَمَّا قَبْلَهُ (بِنَحْوِ تَنَفُّسٍ فِيهِ) كَعُطَاسٍ (وَسُعَالٍ) بِخِلَافِ انْقِطَاعِهِ بِكَلَامٍ مُعْتَرَضٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ، لَا يَسِيرٍ (أَوْ) طُولِ كَلَامٍ مُتَّصِلٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، قَالَهُ الطُّوفِيُّ. وَشَرْطُ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا (نِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ) فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً؛ لَمْ يُعْتَدَّ بِالِاسْتِثْنَاءِ إنْ لَمْ يَنْوِهِ قَبْلَ تَمَامِ قَوْلِهِ ثَلَاثًا (وَقَطَعَ جَمْعٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ (وَ) تَصِحُّ نِيَّتُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (قَبْلَ فَرَاغِهِ) مِنْ كَلَامِهِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ نَاوِيًا لَهُ عِنْدَ تَمَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْكُتَ (وَاخْتَارَهُ) أَيْ: الْقَوْلَ بِصِحَّةِ نِيَّتِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ (الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ، وَقَالَ لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بِالنِّيَّةِ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ قَالَ: وَفِي الْقُرْآنِ جُمَلٌ قَدْ فُصِلَ أَبْعَاضُهَا بِكَلَامٍ آخَرَ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} إلَى قَوْلِهِ: {هُدَى اللَّهِ} فَصَلَ بَيْنَ أَبْعَاضِ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ (وَ) اخْتَارَهُ أَيْضًا تِلْمِيذُهُ (ابْنُ الْقَيِّمِ) فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ وَالْمَذْهَبُ اعْتِبَارُ نِيَّتِهِ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ والنَّظْمِ وتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ (وَكَذَا شَرْطٌ مُلْحَقٌ) أَيْ: لَاحِقٌ لِآخِرِ الْكَلَامِ؛ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْتِ؛ فَيُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ عَادَةً وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (وَ) كَذَا (عَطْفٌ مُغَيَّرٌ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّلًا)، فَلَا يُقْطَعُ بِهِ طَلَاقٌ إنْ اتَّصَلَ عَادَةً وَنَوَاهُ قَبْلَ تَمَامِ مَعْطُوفٍ وَكَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ وَنِيَّتُهُ الْعَدَدُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقُولُ إنَّ لَهَا تَأْثِيرًا فِيهَا، لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا صَوَارِفُ لِلَّفْظِ عَنْ مُقْتَضَاهُ، وَإِطْلَاقِهِ؛ فَوَجَبَ مُقَارَنَتُهَا لَفْظًا وَنِيَّةً كَالِاسْتِثْنَاءِ (وَ) كَذَا (نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَيَأْتِي. (وَيَصِحُّ) اسْتِثْنَاءٌ (فِي نِصْفٍ فَأَقَلَّ) نَصًّا لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ أَبَانَ بِهِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى غَيْرُ مُرَادٍ بِالْأَوَّلِ؛ فَصَحَّ كَمَا لَوْ أَتَى بِمَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى بِدُونِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إلَّا الَّذِي فَطَرَنِي» يُرِيدُ بِهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا} وَلَيْسَ الِاسْتِثْنَاءُ بِهِ رَافِعًا لِوَاقِعٍ وَإِنَّمَا مَانِعُ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ؛ فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ (مِنْ مُطَلَّقَاتٍ) كَ زَوْجَتَايَ طَالِقَتَانِ إلَّا فُلَانَةَ، أَوْ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ (وَ) مِنْ (طَلْقَاتٍ) كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً (وَإِقْرَارٍ كَ) مَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا أَرْبَعَةً (فـَ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً يَقَعُ) عَلَيْهِ (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ؛ لِرَفْعِهِ الثَّانِيَةَ بِالِاسْتِثْنَاءِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ) لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الثِّنْتَيْنِ وَاحِدَةً؛ فَبَقِيَ وَاحِدَةٌ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الثَّلَاثِ، فَبَقِيَ ثِنْتَانِ، (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثِنْتَانِ لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي مُؤَكِّدٌ لَهُ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةٌ إلَّا وَاحِدٌ) يَقَعُ ثِنْتَانِ إلْغَاءً لِلِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي، لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَةً وَثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً) يَقَع ثِنْتَانِ لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ؛ يَقَعُ ثِنْتَانِ) لِصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ (وَ) إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ رَفْعٌ لِمَا أَوْقَعَهُ؛ فَلَمْ يَرْتَفِعْ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا ثِنْتَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا يَصِحُّ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا جُزْءَ طَلْقَةٍ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ) أَوْ رُبْعٍ أَوْ خُمُسٍ أَوْ سُدُسٍ (يَقَعُ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَبَعَّضُ فَيَكْمُلُ الْبَاقِي مِنْ الطَّلْقَةِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْ الثَّلَاثِ بَقِيَ اثْنَتَانِ، وَاسْتَثْنَاهُمَا مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ؛ فَلَا يَصِحُّ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (خَمْسًا) إلَّا ثَلَاثًا، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا (إلَّا ثَلَاثًا يَقَعُ) ثَلَاثٌ، لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَرْبَعًا إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ لِبَقَائِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ (أَوْ) أَنْتِ (طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا يَلِيهِ؛ فَهُوَ كَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ (وَدِينَ إنْ أَرَادَ بِهِ) الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ (الْمَجْمُوعِ) فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمَلٌ وَقُبِلَ مِنْهُ حُكْمًا فَيَقَعُ اثْنَتَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ (إلَّا طَالِقًا؛ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ وَطَلْقَةً إلَّا طَلْقَةً؛ أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً، أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ) يَقَعُ ثَلَاثٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ (إلَّا وَاحِدَةً، يَقَعُ الثَّلَاثُ) لِبَقَائِهَا بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ كَعَطْفِهِ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ ثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثَلَاثٌ، لِأَنَّ الْكَلَامَ صَارَ جُمْلَتَيْنِ؛ لِلتَّرْتِيبِ الْحَاصِلِ بِالْعَطْفِ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنْ عَادَ إلَى الرَّابِعَةِ، فَقَدْ بَقِيَ بَعْدَهَا ثَلَاثٌ، وَإِنْ عَادَ إلَى الْوَاحِدَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ، كَانَ اسْتِثْنَاءً لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ الْمُسْتَثْنِي كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ فَرَّقَ مَنْ أَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، وَوَاحِدَةً، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ (وَ) إنْ قَالَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ (نِسَاؤُهُ الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ، وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ طُلِّقْنَ) كُلُّهُنَّ (حُكْمًا) أَيْ فِي الظَّاهِرِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ انْتَهَى وَتَطْلُقُ الْمُسْتَثْنَاةُ أَيْضًا فِي الْبَاطِنِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالْخِرَقِيُّ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ نَصٌّ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ، فَلَا يَرْتَفِعُ مِنْهُ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا أَضْعَفُ مِنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعُ) بِأَنْ قَالَ نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِقَلْبِهِ (لَمْ تَطْلُقْ الْمُسْتَثْنَاةُ) لِأَنَّهُ اسْمٌ عَامٌّ يَجُوزُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ بَعْضِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَاسْتِعْمَالُ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ كَثِيرٌ، فَيَنْصَرِفُ اللَّفْظُ بِنِيَّتِهِ إلَى مَا أَرَادَهُ فَقَطْ، (وَإِنْ) سَأَلَتْهُ إحْدَى نِسَائِهِ طَلَاقَهَا، فَقَالَ نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ (وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا، دِينَ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ لَفْظٌ عَامٌّ يَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ (وَلَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ ذَلِكَ (حُكْمًا) لِأَنَّ طَلَاقَهُ جَوَابٌ لِسُؤَالِهَا لِنَفْسِهَا، فَدَعْوَاهُ صَرْفَهُ عَنْهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلِأَنَّهَا سَبَبُ الطَّلَاقِ، وَسَبَبُ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعُمُومِ بِالتَّخْصِيصِ (وَإِنْ) كَانَتْ (قَالَتْ لَهُ طَلِّقْ نِسَاءَك فَقَالَ نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ، طَلُقَتْ) الْقَائِلَةُ كَبَاقِي نِسَائِهِ، لِعُمُومِ اللَّفْظِ مَعَ عَدَمِ الْمُخَصِّصِ (مَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا لَفْظًا) فَلَا تَطْلُقُ قَوْلًا وَاحِدًا (وَ) إنْ اسْتَثْنَاهَا (نِيَّةً بِقَلْبِهِ)، فَلَا تَطْلُقُ أَيْضًا وَ(يَدِينُ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْمُبْدِعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا يُقْبَلُ مِنْهُ حُكْمًا أَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا بِقَلْبِهِ؛ لِأَنَّ خُصُوصَ السَّبَبِ يُقَدَّمُ عَلَى عُمُومِ اللَّفْظِ، وَلِأَنَّ السَّبَبَ يُقَدَّمُ عَلَى نِيَّتِهِ.

.(فَرْعٌ): [الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ مَنْ عَدَّدَ الطَّلَاقَ]:

(قَوْلُهُمْ) أَيْ: الْأُصُولِيِّينَ قَاعِدَةُ، الْمَذْهَبِ أَنَّ (الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ) مَنْ عَدَّدَ الطَّلَاقَ، لَا إلَى لَفْظٍ بِهِ (وَ) أَنَّ (الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ وَاحِدَةً) أَيْ: بِخِلَافِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ وَثُمَّ قَالَ الْمُنَقِّحُ (وَلَيْسَ) قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى إطْلَاقِهِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ ثِنْتَانِ، وَلَوْ رَجَعَ إلَى مَا يَمْلِكُهُ وَقَعَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَا يَصِحُّ، وَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَالِقٌ وَنَحْوُهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ، وَلَوْ صَيَّرَ الْعَطْفُ الْجُمَلَ وَاحِدَةً كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً، فَيَقَعُ بِهِ ثِنْتَانِ لَا ثَلَاثَ.

.بَابُ الطَّلَاقِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ:

أَيْ تَقْيِيدُ الطَّلَاقِ بِالزَّمَنِ الْمَاضِي وَالزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ (إذَا قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك وَنَوَى) بِذَلِكَ (وُقُوعَهُ) أَيْ: الطَّلَاقِ (إذَنْ وَقَعَ) فِي الْحَالِ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَنْوِ وُقُوعَهُ حِينَ التَّكَلُّمِ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَى إيقَاعَهُ فِي الْمَاضِي (لَمْ يَقَعْ) الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِلِاسْتِبَاحَةِ، وَلَا يَمْلِكُ رَفْعَهَا فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي، كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِيَوْمَيْنِ، فَقَدِمَ الْيَوْمَ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ؛ وَهَذَا طَلَاقٌ فِي زَمَانٍ مَاضٍ، وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمُسْتَحِيلٍ؛ فَلَغَا، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا (وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَرَدْت) بِقَوْلِي أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ إلَى آخِرِهِ (إنَّ زَوْجًا قَبْلِي طَلَّقَهَا وَنَحْوَهُ) كَأَرَدْت أَنِّي طَلَّقْتهَا أَنَا فِي نِكَاحٍ قَبْلَ هَذَا، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا الْيَوْمَ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ أَيْ: فَلَا يَقَعُ إلَّا بِنِيَّةِ الْإِيقَاعِ فِي الْحَالِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ؛ لِاعْتِبَارِهِ الْقَوْلَ وَعِبَارَتَهُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ زَوْجًا قَبْلِي طَلَّقَهَا أَوْ طَلَّقْتهَا أَنَا فِي نِكَاحٍ قَبْلَ هَذَا قُبِلَ مِنْهُ إنْ كَانَ قَدْ وُجِدَ، مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ مِنْ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ وَنَحْوِهِ انْتَهَى (أَوْ مَاتَ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك (أَوْ جُنَّ أَوْ خَرِسَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِمُرَادِهِ) أَيْ: فَلَا يَقَعُ، لِأَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ؛ فَلَا تَزُولُ مَعَ الشَّكِّ فِيمَا أَرَادَهُ. وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَلَغْوٌ؛ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطٍ؛ إذْ مُقْتَضَاهُ (أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ) وَلَا يَأْتِي الْغَدُ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْيَوْمِ، وَذَهَابِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ. (وَيَتَّجِهُ أَوْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ أَنْتِ طَالِقٌ (أَمْسِ آخِرِ الشَّهْرِ) فَلَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَجِيءُ أَمْسِ بَعْدَ ذَهَابِهِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ (مَا لَمْ يَنْوِ) بِقَوْلِهِ آخِرِ الشَّهْرِ (الْبَدَلَ) مِنْ قَوْلِهِ أَمْسِ، فَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ ذَلِكَ الْبَدَلَ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ إذَا جَاءَ آخِرُ الشَّهْرِ (وَ) أَمَّا قَوْلُهُ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (مِنْ أَمْسِ، فَهُوَ إقْرَارٌ) يُؤَاخَذُ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ كَذَا وَبَرِئْتُ مِنْهُ؛ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ، فَلَهَا النَّفَقَةُ) أَيْ: لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا بِالتَّعْلِيقِ؛ بَلْ تَسْتَمِرُّ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ لِأَجْلِهِ (وَلَا يَطَأُ) هَا مِنْ حِينِ عَقْدِ الصِّفَةِ، لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ يَأْتِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَهْرَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: تَأَمَّلْت نُصُوصَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَوَجَدْته يَأْمُرُ بِاعْتِزَالِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَبَارٌّ هُوَ أَمْ حَانِثٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَارٌّ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَارٌّ اعْتَزَلَهَا أَبَدًا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ بَارٌّ فِي وَقْتٍ وَشَكَّ فِي وَقْتٍ، اعْتَزَلَهَا وَقْتَ الشَّكِّ (فَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ قَبْلَ مُضِيِّهِ) أَيْ: الشَّهْرِ لَمْ يَقَعْ (أَوْ) قَدِمَ (مَعَهُ) أَيْ: مَعَ مُضِيِّ الشَّهْرِ (لَمْ يَقَعْ) عَلَيْهِ طَلَاقٌ. لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جُزْءٍ يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ (وَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ تَطْلُقُ فِيهِ) أَيْ: يَتَّسِعُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (تَبَيَّنَ وُقُوعَهُ) لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ عَلَى صِفَةٍ، فَإِذَا حَصَلَتْ وَقَعَ، كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَ مَوْتِك بِشَهْرٍ (وَ) تَبَيَّنَ (أَنَّ وَطْأَهُ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ (مُحَرَّمٌ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ (وَلَهَا الْمَهْرُ) بِمَا نَالَ مِنْ فَرْجِهَا (وَلَا يَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِالنَّفَقَةِ) الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهَا قَبْلَ تَبَيُّنِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ إذْ ذَاكَ (فَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ) الْمَذْكُورِ (بِيَوْمٍ) فَأَكْثَرَ (وَقَدِمَ) زَيْدٌ (بَعْدَ شَهْرٍ وَيَوْمَيْنِ صَحَّ الْخُلْعُ). (وَيَتَّجِهُ) أَنْ يَكُونَ الْخُلْعُ (غَيْرَ حِيلَةٍ) لِإِسْقَاطِ يَمِينِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ حِيلَةً، لَمْ يَصِحَّ لِمَا سَبَقَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَ) حَيْثُ لَا حِيلَةَ (بَطَلَ الطَّلَاقُ) الْمُعَلَّقُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ وُقُوعِ الطَّلَاقِ صَادَفَهَا بَائِنًا بِالْخُلْعِ (وَعَكْسُهُمَا) أَيْ: يَبْطُلُ الْخُلْعُ، وَيَصِحُّ الطَّلَاقُ إنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمَيْنِ، وَقَدِمَ زَيْدٌ (بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ) مِنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ صَادَفَهَا بَائِنًا بِالطَّلَاقِ (وَحَيْثُ لَمْ يَقَعْ الْخُلْعُ رَجَعَتْ) أَيْ: الزَّوْجَةُ (بِعِوَضِهِ) لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ، لَا فِي مُقَابَلَتِهِ (إلَّا الرَّجْعِيَّةَ) أَيْ: إلَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ رَجْعِيًّا؛ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُكَمِّلًا لِمَا يَمْلِكُهُ (فَيَصِحُّ خُلْعُهَا) لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ مَا دَامَتْ عِدَّتُهَا (وَكَذَا حُكْمُ) مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ) فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ أَوْ مَعَهُ؛ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْمَاضِي، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ وَلَحْظَةٍ تَتَّسِعُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ (وَلَا إرْثَ لِبَائِنٍ) لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالْبَيْنُونَةِ (وَلِعَدَمِ تُهْمَةٍ مُحَقَّقَةٍ) بِحِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ. (وَيَتَّجِهُ) أَنْ يُقَالَ فِي تَعْلِيلِ حِرْمَانِ الْبَائِنِ الْإِرْثَ (لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَنْ يَمُوتُ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (أَوَّلًا وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ) لَا إرْثَ لَهَا (مَا لَمْ يَكُنْ) قَوْلُهُ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَطَالَ) الْمَرَضُ (إلَى شَهْرٍ) وَشَيْءٍ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ. فَإِنَّهَا تَرِثُ؛ لِوُجُودِ التُّهْمَةِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (إنْ مِتَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ) كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ (لَمْ يَصِحَّ) التَّعْلِيقُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بَعْدَ الْمَوْتِ. فَلَمْ يَقَعْ قَبْلَهُ لِمُضِيِّهِ (وَلَا تَطْلُقُ إنْ قَالَ) لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَعَهُ) لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِالْمَوْتِ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ نِكَاحٌ يُزِيلُهُ الطَّلَاقُ (وَإِنْ قَالَ) أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ مَوْتِي؛ طَلُقَتْ أَوَّلَهُ) أَيْ: أَوَّلَ الْيَوْمِ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَصْلُحُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ، وَلَا مُقْتَضِيَ لِتَأْخِيرِهِ عَنْ أَوَّلِهِ فَوَقَعَ فِي أَوَّلِهِ قَبْلَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ قُلْت قِيَاسُ مَا قَدَّمْته عَنْ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ كُلُّ يَوْمٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْمَوْتِ؛ وَكَذَا لَوْ مَاتَ لَيْلًا؛ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي أَوَّلِهِ، لِأَنَّ الْيَوْمَ بِمَعْنَى الْوَقْتِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} وَاحْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ.
(وَ) إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (قَبْلَ مَوْتِي يَقَعُ فِي الْحَالِ) وَكَذَا قَبْلَ مَوْتِكَ أَوْ قَبْلَ مَوْتِ زَيْدٍ لِأَنَّ مَا قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ حِينِ عَقْدِ الصِّفَةِ مَحَلٌّ لِلطَّلَاقِ وَلَا مُقْتَضِيَ لِلتَّأْخِيرِ (وَ) إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (قُبَيْلَ مَوْتِي) أَوْ مَوْتِكَ أَوْ مَوْتِ زَيْدٍ (فـَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (بِيَسِيرٍ) أَيْ: فِي الْجُزْءِ الَّذِي يَلِيهِ الْمَوْتُ (وَكَذَا) لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ أَوْ قُبَيْلَ قُدُومِ زَيْدِ) فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَلِيهِ الْقُدُومُ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ يَقْتَضِي أَنَّ إزَاءَ الَّذِي يَبْقَى بِيَسِيرٍ: (وَ) إنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ (أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ فَبِمَوْتِ إحْدَاهُمَا لَا الْيَمِينُ يَقَعُ بِالْأُخْرَى) لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ فِيهَا، وَقَوْلُهُ لَا الْيَمِينُ؛ أَيْ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِذَلِكَ وَقْتَ يَمِينِهِ أَيْ حَالَ عَقْدِ الصِّفَةِ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ، كَأَنْتِ طَالِقٌ صَائِمَةً إنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَا حَالَ عَقْدِهَا، وَقَوْلُهُ بِالْأُخْرَى مُتَعَلِّقٌ بِيَقَعُ فَجُمْلَةُ لَا الْيَمِينُ مُعْتَرِضَةٌ (وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ) بِشَرْطِهِ (ثُمَّ قَالَ) لَهَا إذَا مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ لَهَا إذَا (اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَاتَ أَبُوهُ أَوْ اشْتَرَاهَا تَطْلُقُ) لِأَنَّ الْمَوْتَ أَوْ الشِّرَاءَ سَبَبٌ لِمِلْكِهَا وَطَلَاقِهَا، وَفَسْخُ النِّكَاحِ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمِلْكِ، فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ؛ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ (وَ) وَقَعَ (الْعِتْقُ) لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ، وَقَدْ وُجِدَ، وَيَكُونُ وُقُوعُهُمَا (مَعًا) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ، وَمَحَلُّ وُقُوعِ الْعِتْقِ (إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ) أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَنْفِيذٌ؛ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَبِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ تَرِكَتَهُ؛ لَمْ تُعْتَقْ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ التَّرِكَةِ إلَى الْوَرَثَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ، بَلْ خَرَجَ بَعْضُهَا مِنْهُ (انْفَسَخَ لِلنِّكَاحِ) وَلَا تَطْلُقُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ، فَيَمْلِكُ الِابْنُ جُزْءًا مِنْهَا، فَيَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ، فَيَكُونُ كَمِلْكِ جَمِيعِهَا فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَمَنْعِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ. (وَيَتَّجِهُ) فِي قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ مُدَبَّرَةِ أَبِيهِ إنْ مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا، بَانَتْ مِنْهُ، وَإِلَّا طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ حَيْثُ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا، وَحَيْثُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ (فَإِنَّهُ يَحْرُمُ) عَلَى الزَّوْجِ (وَطْؤُهَا) لِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ وَطِئَهَا عَمْدًا عُزِّرَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِلشُّبْهَةِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.